رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ , رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ

الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

أَتَى أَمْرُ اللَّهِ

 أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1) سورة النحل
لاتختلف التفاسير كثيرا فى شرح هذه الآية كما أتى فى تفسير الطبرى وإبن كثير وإبن عباس والقرطبى وغيرهم كقولهم : أتى أمر الله فقرُب منكم أيها الناس ودنا، فلا تستعجلوا وقوعه ثم اختلف أهل التأويل في الأمر الذي أعلم الله عباده مجيئه وقُربه منهم ما هو، وأيّ شيء هو؟ فقال بعضهم : هو فرائضه وأحكامه كما قال الضحاك  ولكن مردود عليه بأنه لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ اسْتَعْجَلَ فَرَائِضَ اللَّهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْهِمْ ،.
أما القول بأن ( أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) يقصد به العذاب كما قال آخرون : بل ذلك وعيد من الله لأهل الشرك به، أخبرهم أن الساعة قد قَرُبت وأن عذابهم قد حضر أجله فدنا . فلا يعتد به كثيرا لأنه لا يوجد أحد يستعجل العذاب .
وكما قيل أن " أَتى " بِمَعْنَى " يَأْتِي " ، فَهُوَ كَقَوْلِكَ : إِنْ أَكْرَمْتَنِي أَكْرَمْتُكَ . وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ إِخْبَارَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ سَوَاءٌ ، لِأَنَّهُ آتٍ لَا مَحَالَةَ ، كَقَوْلِه ِ: " وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ"
ما أريد أن أصل إليه أن هذه الآية تمتد لكل زمان ومكان وتعنى أن أمر الله فى شأن ما قد أتى , ولكن لا تستعجلوا وقوعه أو تستعجلوا نتائجه , من كان يتصور يوما أن ينتفض المصريون رجالهم ونسائهم شبابهم وأطفالهم يوما ويقتلعوا مبارك ونظامه المستبد , لقد كنا نقول أن الشعب لن يفعل شيئا وأنه الشعب قد مات , ولكن ( أَتَى أَمْرُ اللَّهِ ) أليس كذلك ؟ ولكن لم تحقق الثورة نتائجها المرجوة لماذا ؟ لأن فرقا من المنتفعين والمتسترين برداء الدين سارعوا إلى مهادنة مبارك قبل سقوطه وإلى الإستيلاء على إرثه الملعون بعد سقوطه , هؤلاء المنتفعين بإسم الدين والمتاجرين بكلام الله والذين لوثوا عقول شباب من الأمة تركوا إبداعهم وتفوقهم ومستقبلهم الذى كان يمكن أن يعود على الأمة بخير وتم حشو عقولهم بكتب الفقه والإختلاف وأطلقوا اللحى وتنافسوا فى من صاحب أطول لحية ولبسوا الجلاليب الغريبة عنا وبالغوا فى السجود لأكتساب الزبائب الضخمة على جباههم متغللين بقول الله " سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ " ولم يذكر فى كتب التفسير من أكد هذا , فى كتب التفسير من قال أَيْ لَاحَتْ عَلَامَاتُ التَّهَجُّدِ بِاللَّيْلِ وَأَمَارَاتُ السَّهَرِعلى وجهه , وكذلك قيل مَنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ وقيل أيضا السيماء فِي الدُّنْيَا وَهُوَ السَّمْتُ الْحَسَنُ وأيضا هو الخشوع والتواضع , أليس كلام الله واضح , فى وجوههم وليس على جباههم .
فرق المنتفعين هؤلاء فرضوا سطوتهم وتأثر كثير من الناس بأقوالهم وساندوهم ودعموهم على الإستيلاء على الغنيمة وبعد أن ركبوا الحكم , أهملوا أمرهم وعسروا حياتهم وتكشفت حيلهم الواحدة تلو الأحرى وإنطبق عليهم وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم للمنافقين فى كل مافعلوه وقالوه ووعدوا به .
أعود لنفس السؤال , من كان يتصور يوما أن تنتهى سطوة هؤلاء المتاجرين وننجوا وشبابنا من براثنهم بعد أن إنتشروا هذا الإنتشار الرهيب , ( أَتَى أَمْرُ اللَّهِ ) , أليس كذلك ؟  ( فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ )
صدق الله العظيم .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Wordpress Theme | Bloggerized by Free Blogger Templates | coupon codes